Bir Temel Ahlak Teorisi Olarak İhlâs (Arapça)

الإخلاص كنظرية أخلاقية

الإخلاص ومسؤولية الإنسان:

للإنسان مسؤوليتان: الأولى مسؤوليته كفرد تجاه خالقه الله سبحانه وتعالى  والتي من مقتضياتها الإيفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه أمام مولاه.فالله سبحانه وتعالى يروم من العبد أن يكون صادقاً في توجهه إليه. كما قال سبحانه”وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون” والعهد الذي قطعه العبد تجاه خالقه يتجلى بعبادته وإيمانه.

أم العهد الذي قطعه الله سبحانه وتعالى على نفسه أمام مخلوقه (الإنسان) . فهو الإنعام عليه بالحياة السعيدة في الدنيا والآخرة والذي ورد في القرآن الكريم على شكل هدايته وإيصاله إلى ” الصراط المستقيم” . وفي آخر الآية نستشعر من قوله تعالى في ” فإياي فارهبون ” مدى مسؤولية الإنسان الأخلاقية أمام الله سبحانه وتعالى في أفعاله والتي لا يتحقق ثوابها إلا عندما تكون صادقة وخالصة له سبحانه.

والمسؤولية الثانية للإنسان: هي مسؤوليته أمام إخوانه من أبناء جنسه.وتلك المسؤولية تشمل

أداء واجباته تجاه مجتمعه بصدق وإخلاص.و لا شك أن تلك المسؤوليات سواء تجاه خالقه أو أبناء جنسه(إخوانه) تكون وفق شكل معين . لأن الإنسان مدني بطبعه. ولهذا فهو في موضع العيش مع أبناء جنسه. ولذلك فإن رفاهية المجتمع وسعادته مرتبطة بتشكل علاقات الإنسان وفق شكل محدد . وإلا فإن كل مجتمع معرض للفوضى والاضطرابات.وبعبارة أخرى فإن الحياة الاجتماعية تؤدي إما  إلى تكوين نظام وفق أسس أو قواعد أخلاقية ممكن أن ينتج عدالة وإما إلى تأسيس الظلم و إخفاء العدالة وذلك يكون بالديناميكيات التي قد تنتجها الفوضى والاضطرابات.

وفي هذا الموضوع الله يريد من الإنسان أن يفي بعهده الذي قطعه أمامه. ولا يكون الإيفاء به إلا من خلال تأسيس علاقات إنسانية تقوم على أسس أخلاقية كالعدالة والإحسان و التعاون والتقاسم.فالله سبحانه وتعالى يقول”  وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَت۪يمِ اِلَّا بِالَّت۪ي هِيَ اَحْسَنُ حَتّٰى يَبْلُغَ اَشُدَّهُۚ وَاَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْم۪يزَانَ بِالْقِسْطِۚ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا اِلَّا وُسْعَهَا وَاِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبٰىۚ وَبِعَهْدِ اللّٰهِ اَوْفُواۜ ذٰلِكُمْ وَصّٰيكُمْ بِه۪ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَۙ” وفي آية أخرى يقول”وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ وَم۪يثَاقَهُ الَّذ۪ي وَاثَقَكُمْ بِه۪ٓۙ اِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَاَطَعْنَاۘ وَاتَّقُوا اللّٰهَۜ اِنَّ اللّٰهَ عَل۪يمٌ بِذَاتِ الصُّدُور&  يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا كُونُوا قَوَّام۪ينَ لِلّٰهِ شُهَدَٓاءَ بِالْقِسْطِۘ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَاٰنُ قَوْمٍ عَلٰٓى اَلَّا تَعْدِلُواۜ اِعْدِلُوا۠ هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوٰىۘ وَاتَّقُوا اللّٰهَۜ اِنَّ اللّٰهَ خَب۪يرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ.” وفي نفس الموضوع يقول الله في آية أخرى”يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا كُونُوا قَوَّام۪ينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَٓاءَ لِلّٰهِ وَلَوْ عَلٰٓى اَنْفُسِكُمْ اَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْاَقْرَب۪ينَۚ اِنْ يَكُنْ غَنِيًّا اَوْ فَق۪يرًا فَاللّٰهُ اَوْلٰى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوٰٓى اَنْ تَعْدِلُواۚ وَاِنْ تَلْوُٓ۫ا اَوْ تُعْرِضُوا فَاِنَّ اللّٰهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَب۪يرًا”

وكما أن الوضوء والصلاة  اللتان تأتيان بعد الإيمان، هما عمادا الدين وأساسا حياة الإنسان المعنوية فإن العدالة وما يعين على تأسيسها من مؤسسة الشهود هما الضمان لهذه الحياة الاجتماعية.وهذه الآيات تلفت النظر إلى الأسباب والدواعي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية  التي تبعد الإنسان عن العدالة ،مركزة بشكل مباشر على القضاة وأصحاب القرار وعلى من لهم يد في ذلك بشكل غير مباشر ،مؤكدة لهم على وجوب تقوى الله والخوف منه .  وأما قوله تعالى” كُونُوا قَوَّام۪ينَ بِالْقِسْطِ” وقوله” فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوٰٓى اَنْ تَعْدِلُواۚ” كلها تري أن الإيفاء بالعهد يكون بالصدق والإخلاص أثناء القيام بالأعمال و أيضاً أن العدالة مرادفة لتقوى الله وأن جوهر الإسلام يتمثل بالإخلاص وإرضاء الله سبحانه وتعالى .

أقسام الإخلاص:

الإخلاص والصدق، والفرد والجماعة كل منهما لهما بعدان .بما أن الإخلاص والصدق يعتبران المحركان الأساسيان للحياة المعنوية للإنسان فإنهما كذلك يعتبران من إحدى عوامل المحرك المعنوي للمجتمع.والإخلاص لدى الفرد يكون في المجتمع متجلياً بالعدالة.فإذا لم يكن لدى الإنسان إخلاصاً وصدقاً راسخاً فكما أن عدم وقوعه في مرض النفاق أمر لا مفرَّ منه فكذلك إن لم تتجلى العدالة والتي هي رأس كل شيئ في المجتمع فإن الاضطرابات ستسوده وتحوطه من كل جانب.وخصوصاً عندما لا يدار الاقتصاد والمال بالعدالة ففي ذلك الوقت يظن الناس أن المال يمكِّنهم من الحصول على كل شيئ فهذا بالنتيجة يولِّد بما يسمى بنظام ” الرشوة المطلقة”.ولهذا السبب يمكن القول أن المجتمع الذي يتشكل من أفراد مخلصين ستتجلى فيه العدالة وسينعم الناس بالسعادة والعيش الهنيئ.لأن بالصدق والإخلاص يكن للعمل والتعاون والحياة معناً، سواء للفرد وللمجتمع.وانعدام الإخلاص أو بعبارة أخرى إن الناس المصابون بمرض النفاق أو المجتمعات التي تعاني من  انحدار أخلاقي وبسبب عدم وجود تضامن وتآخي فيها فلا يمكن الحديث عن السعادة والرفاهية  بشكل من الأشكال.ولهذا فإن الأعمال والأفكار المعدومة الصدق لا معنى لها. وتلك المجتمعات لا يحكمها إلا المال.

والأستاذ بديع الزمان يتناول الإخلاص من جهتين. الأولى:يشير إلى أهمية الإخلاص التي يجب أن يتحلى بها الفرد أو النخبة  التي يترتب على عاتقها مسؤولية المجتمع الدينية والمعنوية . وهذا القسم من الإخلاص حكمه في مرتبة “فرض الكفاية”.و يؤكد بديع الزمان في هذا القسم على أهمية الإخلاص وخصوصاً للذين يقومون بدور فعَّال في العالم الإسلامي كرجال الدين والعلماء وأرباب الطرائق . مشيراً إلى العلاقات فيما بينهم. وأن انعدام الإخلاص هو السبب الرئيسي لتوتر العلاقات وحصول الاختلاف.وقوله “إن الأسباب العديدة لهذه الحالة المؤلمة التي تقض مضجع الغيارى الشهمين” كجوابٍ لسؤال بعض الإخوة عن دواء مرض الاختلاف الذي يقع بين الجماعات الإسلامية.

الثانية: يشير إلى أهمية الإخلاص لأولئك الذين يتحملون مسؤولية  كونهم أعضاء جماعة   تمثل الشخصية المعنوية في العالم الإسلامي أو بعبارة أخرى خدمة القرآن، أن الإخلاص في هذا الموضع “فرض عين”. وبهذا المعنى للإخلاص يضمن الشخص إيمانه وفلاحه . وفي حال لم يكن مخلصاً -قبل كل شيئ- يكن قد جنى على نفسه. ولكن هنا يجب أن نوضح أن المسؤولية التي يستوجبها فرض الكفاية على المكلَّف ليست بأقل من  التي يستوجبها فرض العين. حتى أنه يمكن قضاء فرض العين ،أما فرض الكفاية فهذا غير ممكن.فمثلاً من لم يصلي الصبح بإمكانه أن يقضيها ، وحتى إن لم يقضيها  فإن وزرها أو إثمها متعلق به فقط. لكن في فرض الكفاية الوضع مختلف. فمثلاَ الجهاد فرض كفاية . فلو ترك من تولى أمر الجهاد مكانه فإن هذا قد يعرض الأمة إلى الزوال. وبهذا المعنى فإن المسؤولية التي يلقيها فرض الكفاية على الأفراد  هي مسؤولية اجتماعية في حال أن المسؤولية التي يلقيها فرض العين تكون محدودة ومتعلقة بالفرد لوحده.

الخاتمة:

إن الله سبحانه وتعالى قد عقد معاهدة مع الإنسان .وكما أن هناك كثير من الآيات التي تدل على أن الإنسان لم يخلق عبثاً وأن ثمة هناك مسؤوليات ثقيلة حمِّلت على عاتقه وأن من مقتضيات الإيفاء بالعهد هو الإيمان به وعبادته والتوجه إليه سبحانه. فإن كذلك هنالك بعض الآيات  كقوله تعالى “وإياي فارهبون” و ” وَاِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ اَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِۜ”و “فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوٰٓى اَنْ تَعْدِلُواۚ” وغيرها من الآيات تدل أن الإيفاء بالعهد يكون بصدقٍ و ولاء وإخلاص .و أن معنى الإخلاص  مرادف لما ورد في الآيات الكريمة ” وإياي فارهبون” و” وَاِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ اَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِۜ” .

 ويعبر بديع الزمان والذي يقبل الإخلاص كجوهر أساسي للإسلام  بأن أهم نتيجة وأسمى غاية للخلق هي معرفة الله ،  وأن روح العبادة والعمل الصالح هو الإخلاص.ويرى أيضاً في الإخلاص أن ثمة هناك قوة تكمن فيه ، حتى أن أهل الضلال بإخلاصهم في أعمالهم قد يوفقون. إضافة إلى ذلك يشير بديع الزمان إلى أن بعض النساء اللواتي يملكن حساً أمومياً حياً قد َيفُقْن كثيراً من الرجال في الإخلاص والبطولة. وانطلاقاً من قاعدة “يجب النظر إلى كل شيئ من طرفه الإيجابي”  يرى بديع الزمان أن وراء الظلم الذين يقومون به البشر  هناك تجلٍ للقدر يوصل الإنسان إلى الإخلاص.

وحتى يصل الإنسان إلى إخلاصٍ حقيقي وحتى يتحلى بأسمى الأخلاق الحميدة يتوجب عليه  أن يضحي بكل شيئ في سبيل دينه وأن لا يدع مجالاً لنفسه تأخذ حيزاً منه . محذراً بذلك بديع الزمان إلى  عدم الخلط بين وظيفة الإنسان وبين وظيفة الله( التي ألزم الله نفسه بها).

لأن التوفيق والإحسان هو من شأن الله .ويرى بديع الزمان أن إبقاء الأمور الدنيوية والأخروية في حالة تنافسية يؤثر سلباً على الإخلاص وعلى هذا فإن نظر المؤمن إلى أخيه المؤمن بشعور الإخوة بدلاً من التنافس يكون قد حقق شيئاً من مقتضيات الإخلاص.

وقد لاحظ بديع الزمان انطلاقاً من قاعدة “العمل الجماعي”  الأرباح الكلية التي سيحققها الداخل إلى رحاب رسائل النور بإخلاص و ما ستوصله  إلى مراتب كلية ورفيعة  في عبوديته لله سبحانه وتعالى. مشيراً بذلك أن القوة التي تلي قوة الإخلاص هي قوة العمل الجماعي الأخروي.مضيفاً إلى أن الإخلاص يُبعد الإنسان عن السياسة وحب الظهور- المعنوي والمادي- وبل يُبعده عن اللذائذ الأخروية أيضاً.حتى أنه يعتبر الإخلاص  أساس مسلك الصوفية وأنه من أهم طرق الولاية وأنه مهم جداً في حياة الإنسان .ويرى بديع الزمان أن مسلك رسائل النور هو تحقيق الإخلاص الحقيقي وترك الأنانية ومحاولة النظر الدائم إلى النفس على أنها  مذنبة مشيراً إلى أن الإخلاص أعلى من أي وسيلة قد توصل  الإنسان إلى منصب أو شهرة مادية كانت أو معنوية.وذلك لأن الإخلاص يمثل روح العبادة والعمل الصالح الذي هو به فلاح الإنسان . ويمثل أيضاً روح القاعدة الأخلاقية للإنسان..